الجواب
الرسول-صلى الله عليه وسلم- من البشر، فيجوز أن يصيبه ما يصيب البشر من الأوجاع والأمراض وتعدي الخلق عليه وظلمهم إياه كسائر البشر إلى أمثال ذلك مما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها، ولا كانت الرسالة من أجلها، فغير بعيد أن يصاب بمرض أو اعتداء أحد عليه بسحر ونحوه يخيل إليه بسببه في أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له، كأن يخيل إليه أنه وطيء زوجاته وهو لم يطأهن، أو أنه يقوى على وطئهن حتى إذا جاء إحداهن فتر ولم يقو على ذلك، لكن الإصابة أو المرض أو السحر لا يتجاوز ذلك إلى تلقي الوحي عن الله تعالى ولا إلى البلاغ عن ربه إلى العالمين؛ لقيام الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على عصمته صلى عليه وسلم في تلقي الوحي وبلاغه وسائر ما يتعلق بشؤون الدين، والسحر نوع من الأمراض التي أصيب بها النبي-صلى الله عليه وسلم- ، فقد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «سحر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- رجل من بني زريق يقال له: لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ثم دعا ثم دعا ثم قال: يا عائشة أشعرت أن الله افتأني فيما استفتيته فيه، فجاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل، قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، قال: وجف طلعة ذكر، قال: أين هو؟ قال: في بئر ذي أروان، قالت: فأتاها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في أناس من أصحابه، ثم قال: يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين، قالت: فقلت: يا رسول الله، أفلا أحرقته؟ قال: لا، أما أنا فقد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس شرا، فأمر بها فدفنت» رواه البخاري ومسلم.
ومن أنكر وقوع ذلك فقد خالف الأدلة وإجماع الصحابة وسلف الأمة متشبثا بشبه وأوهام لا أساس لها من الصحة فلا يعول عليها، وقد بسط القول في ذلك العلامة ابن القيم في كتاب [زاد المعاد] والحافظ ابن حجر في (فتح الباري)
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.