الجواب
هذا الرجل الذي كان ضالاًّ كما وصف عن نفسه، ثم منّ الله عليه بالهداية، نسأل الله تعالى له الثبات، وأن يبقيه على ما كان عليه من هذا الانتصار على النفس وعلى الهوى والشيطان، وهو من نعمة الله عليه، ولا يعرف الضلال إلا من ابتلي به ثم هُدي إلى الإسلام، فلا يعرف الإنسان قدر الإسلام إلا إذا كان يعرف الكفر، ونقول لهذا الرجل: نهنئك بنعمة الله عليك بالاستقامة، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق، وما مضى من الطاعات التي تركتها من صيام وصلاة وزكاة وغيرها لا يلزمك قضاؤه الآن، لأن التوبة تجب ما قبلها، فإذا تبت إلى الله وأنبت إليه وعملت عملاً صالحاً فإن ذلك يكفيك عن إعادة هذه الأعمال، وهذا أمر ينبغي أن تعرفه وهي أن القاعدة: أن العبادة المؤقتة بوقت إذا أخرجها الإنسان عن وقتها بلا عذر فإنها لا تصح، مثل الصلاة والصيام لو تعمد الإنسان أن لا يصلي حتى خرج الوقت ثم جاء يسألنا: هل يجب عليَّ القضاء؟ قلنا له: لا يجب عليك، ولو أن أحداً ترك يوماً من رمضان لم يصمه، وجاء يسألنا هل يجب علي قضاء؟ نقول له: لا يجب عليك القضاء؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» .
وأنت إذا أخرت العبادة المؤقتة عن وقتها، ثم أتيت بها بعد الوقت فإنك أتيت عملاً ليس عليه أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- فتكون باطلة ولا تنفعك. ولكن لو قال قائل: رجل نسي الصلاة حتى خرج الوقت هل يقضيها؟
نقول: نعم تقضيها لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» .
ولكن لو قلت لي: هذا الحديث يعارض كلامك، حيث قلت: إن الإنسان إذا ترك الصلاة متعمداً لا يقضيها، ووجه المعارضة أنه إذا كان النبي-صلى الله عليه وسلم- ألزم الناسي وهو معذور بقضائها فالمتعمد من باب أولى.
ولكننا نقول في الإنسان المعذور يكون وقت الصلاة في حقه إذا زال عذره فهو لم يؤخر الصلاة عن الوقت، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «فليصلها إذا ذكرها» أما من تعمد ترك العبادة حتى خرج وقتها فقد أداها في غير وقتها المحدد، فلا تقبل منه.